Visits number:466
Downloads number:9

قرأ القارئ :
﴿ إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَنَعِيمٍ (17) فَاكِهِينَ بِمَا آَتَاهُمْ رَبُّهُمْ وَوَقَاهُمْ رَبُّهُمْ عَذَابَ الْجَحِيمِ (18) كُلُوا وَاشْرَبُوا هَنِيئًا بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ (19) مُتَّكِئِينَ عَلَى سُرُرٍ مَصْفُوفَةٍ وَزَوَّجْنَاهُمْ بِحُورٍ عِينٍ (20) وَالَّذِينَ آَمَنُوا وَاتَّبَعَتْهُمْ ذُرِّيَّتُهُمْ بِإِيمَانٍ أَلْحَقْنَا بِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَمَا أَلَتْنَاهُمْ مِنْ عَمَلِهِمْ مِنْ شَيْءٍ كُلُّ امْرِئٍ بِمَا كَسَبَ رَهِينٌ (21) وَأَمْدَدْنَاهُمْ بِفَاكِهَةٍ وَلَحْمٍ مِمَّا يَشْتَهُونَ (22) ﴾(الطور) :
بسم الله الرحمن الرحيم .. الحمد لله الذى تتوالى بشرياته علينا فى كتاب الله ، وعلى لسان حبيبه ومصطغاه ، وكل بشرى منها أغلى عندنا من الدنيا كلها وما فيها :
﴿ذَلِكَ فَضْلُ الله يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ وَالله ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ ﴾ (الحديد : 21) .
والصلاة واسلام على مصدر الكرم والجود ، وسرّ العطاء الذى سبق لنا من الحق بلا حدود ، سيدنا ومولا نا محمد وآله وصحبه ، والتابعين لنهجه إلى يوم الدين ، وعلينا معهم أجمعين .. آمين .. آمين يارب العالمين .. إخوانى وأحبابى بارك الله عزّ وجلّ فيكم أجمعين :
بشرى عظيمة ، سمعنا ها الآن من الله ليس من مَلَك ، ولا حتى من مَلك الوحى ولا على لسان نبى أو رسول وإنما على لسان مَلِكِ المُلوُك عزّ وجلّ ، فهو الذى بشّر، وهو الذى أخبر، وهو الذى فسّر ووضح
بشرى تنثلج لها الصدور وتنشرح لها النفوس وتغتبط لها القلوب والأرواح ، وهى :
﴿ وَالَّذِينَ آَمَنُوا وَاتَّبَعَتْهُمْ ذُرِّيَّتُهُمْ بِإِيمَانٍ أَلْحَقْنَا بِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ ﴾ ( الطور : 21) المؤمنين الذين استقاموا على الطريق المستقيم ومشوا على نهج النبى الرؤوف الرحيم يعدهم ربنا أنه سيلحق بهم ذريتهم وشرط الايمان هنا للإ ثنين أن يكونوا مؤمنين ولم يأتى فى الآية بشرط آخرغير الا يمان ، وهى بذلك بشرى عامة لكل أهل الايمان : ﴿وَالَّذِينَ آَمَنُوا وَاتَّبَعَتْهُمْ ذُرِّيَّتُهُمْ بِإِيمَانٍ ﴾ ( الطور : 21) ولم يقل كما يقول دوما فى القرآن ﴿ الَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ ﴾ ( البروج : 11) لأن الله عز وجل يَمٌنُّ على المؤمنين بسابق رحمته وبِسّر عنايته فيٌصْلح لهم الأبناء ولو بعد حين .
فمن الجائز أن يكون الولدفى البداية شارد أوبعيد أو غير مستقيم لكن ببركة صلاح الأب يختم الله له بالايمان ويرزقه الله توبة ًنصوحا ًوعملا ًبالسنة والقرآن قبل أن يغادر الدنيا ويلقى الرحمن عزّ وجلّ وهذا أمر لو تتبعناه ، لوجدناه منظور فى المجتمع ـ لماذا ؟
عندما يدخل الواحد منا الجنّة ، بالله عليكم كيف يُسَرّ من دخل الجنّة وهو يعلم أن ولده يُعَذبّ فى النار ؟ وكيف يدخل الانسان الجنة ويتمتع بها وبحورها وفاكهتها وأنهارها وتجليّاتها وفرُشها وغرْسِها وإستبرقها وسُندُسِها وغير ذلك من ألوان النعيم وزوجته فى موضع ٍفى زنزانةٍ فى النار ؟ هل يستمتع الانسان بذلك ؟
كلا ّ: لانه إن كان له حورٌ فإن إمرأته هى السيّدةُ عليهم وهنّ مُجَرّد وصيفات ولذلك عندما تسمع عن جمال الحور إيّاك أن تظن أنهن سَيكُنّ أجمل من زوجتك لأن زوجتك ستكون يوم الدين فى الجنّة إن شاء الله أجمل من كل الحور العين . من الذى قال ذلك ؟ رب العالمين عز وجل .
﴿ إِنَّا أَنْشَأْنَاهُنَّ إِنْشَاءً (35) ، أى إنشاءا ً جديدا ً تماماً ... فَجَعَلْنَاهُنَّ أَبْكَارًا (36) ... أى بكرا ، بل إنها تظل بكراً فى الجنة إلى ماشاء الله وكلما يأتيها زوجها تعود بكراُ من جديد .
فَجَعَلْنَاهُنَّ أَبْكَارًا (36) عُرُبًا أَتْرَابًا (37) ، أى جميلات لهنّ جاذبية تشدّ الإنسان ، وهذا لمن ؟ ◌ لاصْحَابِ الْيَمِينِ (38) ﴾ ( الواقعة ) .
ولذلك قال الله فى آية أخرى من سورة الزخرف عندما يتكلم مع عبادة المؤمنين يوم القيامة :
﴿ يَا عِبَادِ لا خَوْفٌ عَلَيْكُمُ الْيَوْمَ وَلا أَنْتُمْ تَحْزَنُونَ ﴾ ( الزخرف : 68)
فالانسان يخاف على نفسه لكنه يحزن على غيره وهذا هوالفرق بين الخوف والحُزن ، لأن سيدنا رسول الله عندما كلمّ سيدنا أبو بكر فى الغار لم يقل له لاتخف وذلك لأنه لم يَخَفْ على نفسه ، وإنما قال له لاتحزن ـ والحزن هو الخوف على الغير إذ يبيّن الله فى هذه الآية للمؤمنين ألا يخافوا على أنفسهم ولا يحزنون على غيرهم وأول الغير لاتكون إلا الزوجة والاولاد :
﴿ يَا عِبَادِ لا خَوْفٌ عَلَيْكُمُ الْيَوْمَ وَلا أَنْتُمْ تَحْزَنُونَ ﴾ ( الزخرف : 68)
هذا كلام حضرة الله فهل من يدخل الجنة وإبنه فى جهنمّ يكون من أهل هذه الآية ؟
لايكون من أهل هذه الآية فقد وعد الله المؤمنين أن يكونوا من أهل هذه ألآية ان شاء الله :
﴿ ادْخُلُوا الْجَنَّةَ أَنْتُمْ وَأَزْوَاجُكُمْ تُحْبَرُونَ ﴾ (الزخرف :70) يمسك الرجل بيد زوجته ويدخل بها الجنة تزُفُهُم الملائكة إلى قصورهم ، وهذه الزّفة لن تكون كالتى نراها الآن فى أفراحنا ، لكنها زفّة ملكوتية جنانية فهى ستكون عروس بكر وهو شباب بكر .
وهكذا يكون دخول المؤمن الجنة هو وزوجته وبعد أن يدخلا الجنة :
﴿ أَلْحَقْنَا بِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ ﴾ ( الطور : 21) يلحق بهم الأولاد ، فالمؤمن وزوجتة يتمتعان بالنعيم أولا ويعيشون لحظات ، فليس هناك وقت ولاساعات ولادقائق ولاثوانى وإنمّا هى سعادة دائمة وخلود بلا موت ثم يلحق بهم الله بعد ذلك الأولاد ..
والأولاد منهم الذى قصّر، ومنهم الذى تميّز ، ومنهم الذى غيّر ، ومنهم الذى بعُدَ .. ومن فضل الله على المؤمن ، أنه قبل الموت بالنسبة لهؤلاء الأولاد ، فلا بدّ أن ينبهه الحق فى قلبه ويردّ له عقله الذى يعقل عن الله ...
فنحن لنا عقلين عقلٌ منهم يعقل عن الخلْق ، وهوالذى نحسب به ونفكر به ، ونعُدّ به ، ونبيع به ونشترى به .. والعقل الثانى يعقل عن الحقّ : يعقل كلامه وبيانه وقرآنه ، ويعقل عن الرسول صلى الله عليه وسلم حديثه وحكمه .. فيرُدّ الله العقل الثانى لأولاد المؤمن ، فيعقلون عن الله ، ويسمعون تنبيهات الله فى قلوبهم فيلتفت الواحد منهم إلى الله ، ويتوب مما جناه ، ومما إقترفته يداه ، ويستقيم حتى يلقى الله ، فيدخل فى قول رسول الله صلى الله عليه وسلم :
( وإنّ المرء ليعمل بعمل أهل النار حتى لا يكون بينه وبينها إلا ّ ذراع ، فيسبق عليه الكتاب ، فيعمل بعمل أهل الجنّة فيدخلها ) أين يكون هؤلاء الأولاد المقصرين فى الجنّة ؟
قال معك ، لكى نسعدك ، ونفرحك ، وإن كانوا فى درجة أقلّ ، لأن عملهم لا يوصلهم إلى هذه الدرجة الرفيعة ، قال صلى الله عليه وسلم : ( إنّ الله ليرفع أهل الرجل الصالح وولده إلى درجته فى الجنّة ، وإن كانوا دونه فى العمل ، إكراما ً لصلاحه وتقواه ) .. لماذا كل ذلك ؟
لأنّ رب العزّة يريد ان يرضى المؤمنين فقال لهم ﴿ لَهُمْ مَا يَشَاءُونَ عِنْدَ رَبِّهِمْ ﴾ ( الشورى : 22) ذلك لأن كل واحد ٍ منهم سيأخذ كشفا ً على بياض ، ويقولون له إملأه ، أى إشفع .. فيقول : فيمن أشفع ؟ .. فى أناس قد إستوجبوا النار فيشفع فيهم ويضعهم فى الكشف فيخرجهم الحق بشفاعته إلى الجنّة مع أنهم من أهل النار .. وهذا الكشف على حسب توزيع الحضرة المحمدية .. والحضرة المحمدية توّزع على حسب نور القلوب والتقوى الموجودة فيها لحضرة علاّم الغيوب ..
فهناك من يشفع فى سبعين ألف ، وهناك من يشفع فى مائة ألف ، وهناك من يشفع فى مليون ، وهناك من يشفع فى خمسة ملايين ، وهناك من يشفع فى أمّة .. وهناك من يشفع فى عشرة ، المهم أن كل مؤمن ٍ كما قال صلى الله عليه وسلم:
( إستكثروا من الإخوان فإنّ لكل مؤمن ٍ شفاعة يوم القيامة )
إذن فكل واحد ٍ منّا له جاه يوم القيامة ، وكل واحد ٍ له مكانة ً ومنزلة ً ، وسيدخل الله عزّ وجلّ أناس إلى الجنّة وينجيهم من النار بشفاعة هذا الرجل ، وكل واحد ٍ على حسب درجته ومنزلته ، فإذا كان المؤمن سيشفع فى أناس قد إستوجبوا النار .. فهل لا يشفع فى إبنه أو إبنته وأحفاده وزوجته ، وجميع ذريّته ؟
نعم يشفع .. بل إنّهم أولى الناس بذلك ...
فإكرام الله عزّ وجلّ ، وتبشير الله للمؤمنين يذهب عنهم الحزن ، ويجعلهم دائما ً وأبدا ً يشكرون الله على عطاياه ، ويحمدونه على نعماه ، وفى الحقيقة يا إخوانى لو أعطانا الله أعمارا ً ومكثنا إلى يوم القيامة نشكرالله على نعمه وعطاياه ، ما إستطعنا أنّ نوفيه عزّ وجلّ شكرنعمة ٍواحدة ٍ.. فما بالكم ونعم الله حولنا فينا وبيننا .. نعم ق ظاهرة ٌ ونعم ٌ باطنةٌ ...
فنسأل الله عزّ وجلّ أن نكون من الشاكرين الذاكرين الفاكرين الحاضرين بين يدى الله فى كل وقتٍ وحين وأن يتوفانا مسلمين ، وأن يلحقنا بالصالحين ، وأن يصلح أولادنا وبناتنا وزوجاتنا ويجعلهم من المتقين ، ويرزقهم فى هذا الزمان الحفظ والصيانة من فتن هذا الزمان ، ومن كل مكائد والإنس والجن ، ومن مكر كل شيطان ، ويجعلهم محصنين بقول الرحمن :
﴿ إِنَّ عِبَادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطَانٌ ﴾ ( الحجر : 42)
وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم
نجع خميس - مركز الطود - محافظة الأقصر. يوم الإثنين – 16-11-2009