ولما كانت البيعة التي أخذها الله عزَّ وجلَّ على النبيين الثابتة في القرآن الكريم كانت قبل خلق الخلق، كان لا بد أن يجمع الله. عزَّ وجلَّ النبيين مرة أخرى بعد تكليف رسوله بالرسالة : ..
- لتتحقق الآية.
- وليكونوا معاهدين له بعد ظهور بشريته، كما عاهدوه في عالم روحانيته.
فجمع الله عزَّ وجلَّ الأنبياء أجمعين في بيت المقدس، وعددهم كما جاء في الرواية التي رواها أبي ذر رَضِيَ الله عنه عندما قال له:
وقد جمعهم الله في بيت المقدس؛ إعلاماً عاماً لجميع الأنام ، أن هذا النبي صلَّى الله عليه وسلَّم دينه شامل لجميع التعليمات الإلهية والتشريعات الربانية، التي نزل بها كل المرسلين والنبيين السابقين، وأن كتابه كما قال الله في شأنه:
﴿ مُهَيْمِنًا عَلَيْهِ ﴾
(48 سورة المائدة)
أي مهيمناً على جميع الكتب السماوية السابقة له صلَّى الله عليه وسلَّم.
وقد جمعهم الله عزَّ وجلَّ في بيت المقدس، لأن أغلب الرسل السابقين كانت قبلتهم تجاه بيت المقدس، ومعظمهم قد أرسل من هذا المكان، بعضهم أرسل من بلاد العراق، وبعضهم كان في الجزيرة العربية، لكن الكثرة الغالبة منهم كانت من فلسطين ومن بيت المقدس. وأنتم تعلمون جميعاً أن الله عزَّ وجلَّ لم يرسل رسولاً من أوروبا، ولم يرسل نبياً أو رسولاً من أمريكا، وإنما كان كل الرسل والأنبياء أجمعين من هذه المنطقة المباركة من بيت المقدس ومن حوله، أو البيت الحرام ومن حوله.
فجمع الله الرسل؛ الذين أرسلهم حول البيت الحرام ، والرسل الذين أرسلهم حول بيت المقدس، جمعهم كلهم في بيت الله المقدس ، ليجددوا العهد لرسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم أنه خاتم النبيين والمرسلين، وأن الدين كما قال الله عزَّ وجلَّ في شانه:
﴿ إِنَّ الدِّينَ عِندَ اللّهِ الإِسْلاَمُ ﴾
(19آل عمران)
([1]) عن أبى ذر الغفارى ، رواه البيهقى فى سننه الكبرى وفى المستدرك على الصحيحين للحاكم وشعب الإيمان.