Visits number:2433
Downloads number:11

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله الذى خصنا بعطائه وتفضل علينا بوابل خيرة ونواله وجعلنا مع ضعفنا وعجزنا أهلاََ للقرب من حضرته والتحدث عن آيات كتابه وبيان نعمته ...
والصلاة والسلام على الحبيب الأعظم والشفيع الأكرم سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم باب كل الهدايات الإلهيه وسبب كل العنايات الربانيه لجميع البريه صلى الله عليه وعلى آله أصحاب القلوب التقية النقية وأصحاب الشموس المضيه وكل من تابعهم على هذا المنهج وعمل بالأوامر والوصيه وعلينا معهم أجمعين ...آمين آمين يا رب العالمين ...
إخوانى وأحبابى بارك الله عز وجل فيكم أجمعين ... الأيات التى قرأها علينا الشيخ أبو عوف بارك الله فيه من آخر سورة العنكبوت وآخرها آية موجهة لأهل العناية فيها البدايه وفيها النهايه وفيها الغايه وأهل العناية قوم مخصوصون ... وقبلها ذكر الله عز وجل الحياة الدنيا وذكر الأخره ولم يذكر أهل الخصوصية إلا فى هذه الأية والمزية غير ظاهرة إلا لأهل الخصوصيه وأهل الدنيا هم أهل اللهو واللعب وأهل الآخرة هم أهل الطاعات والعبادات والتنافس فى الخيرات والتسابق فى الصالحات وهم كما قال إمامنا أبى العزائم رضى الله عنه : قوم أثروا دنياهم وقوم عملوا لأخراهم وقوم إختصهم لذاته مولاهم ...
فأهل الدنيا (والدنيا من الدنو والدناءه) هم الذين شغلوا الوقت الذى هو أعز شيئ فى حياة الإنسان (فأعز ما يملك الإنسان هو الوقت) حياتك كلها أنفاسك التى تتنفسها ... هى عمرك وهذا العمر هو رأس مالك الذى سلمه سلمه لك ربك عز وجل وينظر إلى فعلك فيه ... وكما قال بعض السادة الصالحين : إن العبد له فى كل يوم وليلة أربعة وعشرون ألف نفس (نفس يدخل وقد لا يخرج ونفس يخرج وقد لا يدخل) وكل نفس من هذه الأنفاس تٌحاسب عليه يوم لقاء رب الناس ... فيما صرفته (فيما أنفقته) أفى لهو أولعب فلو أنفقته فى طاعة فنعم البضاعة أو جعلته خالصاََ لله ومثل هذا يا هناه ..
لأنه فى الدرجة العليا التى يحبها الله عز وجل من عباد الله ... فأنفاسك نفائسك ولذلك أشار بعض الصالحين إلى قول الله عز وجل {ولا تبذر تبذيرا} وقال أن أعظم التبذير هو تبذير الأنفاس فى غير رضا رب الناس عز وجل وذلك لأن المال لو بذّرته من الممكن أن أعوضه أو أعيده أما النفس الذى خرج كيف أرجعه ؟؟؟ ... ولا أستطيع تحصيله بعد ذلك ولا أستطيع زيادته لأنها أنفاس معدوده فى أماكن محدوده حددها ملك الملوك عز وجل وعمر الإنسان يٌقاس عند الله ليس بالسنين لأننا الذين إخترعنا السنين وحسبناها على حسب الشمس والقمر إن كانت هجريه أو ميلاديه ... وليس الحساب على الساعات لأننا أيضاََالذين عملناها وإنما يقاس عمر الإنسان عتد الله بأنفاسه التى يتنفسها ...
نفس بقلب سليم رفعة ورضا وألف عام بلا فلب كلحظات
النفس الذى يتنفسه الإنسان من القلب السليم بالنية الطيبة للرب الكريم يساوى آلاف الدهور وآلاف الأعوام والشهور لأن الله عز وجل يضاعفه أضعافاََ مضاعفه لاحد لها ولا مقدار عند الواحد القهار عز وجل ...
وأهل الدنيا يضيعون أعمارهم فى لهو ولعب أو فى القيل والقال ... وأهل الأخرة جدو واجتهدوا فى الطاعات والعبادات لكن أحياناََ تنتابهم الغفلات وأحياناََ ينتابهم السهو وأحياناََ أخرى ينتابهم النسيان فيغفلون آنات كثيره عن ذكر الرحمن ولذلك يتحسرون عند الخروج من الحياة الدنيا فيقولون :{ يا حسرتا على ما فرطنا فى جنب الله } أما أهل الله الذين خصهم الله بقوله جل شأنهَ: { وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ [العنكبوت : 69]ولم يقل والذين جاهدوا فى سبيلنا لأن الذى يجاهد فى سبيل الله هو الذى يجاهد فى ميدان القتال إذا كان يجاهد بالسلاح أو يجاهد بالكلمة المسموعة أو المكتوبه فهو أيضاََ جهاد لأهل الكفر والشرك والعناد بأن يأخذ العبد حججهم ثم يرد عليها ليقمعهم ويرد سهامهم فى نحورهم وينتصر لدين الله ولشريعة الله ولسيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم ...
أما الجهاد فى الله والذى قال فيه حضرة الله فى الآية الأخرى : { وجاهدوا فى الله حق جهاده (ما جزاء الذى يفعل ذلك وأجره ؟؟) هو اجتباكم } ينال فوراََمقام الإجتباء والإختيار والإنتقاء والإصطفاء من الله عز وجل ...
وهذا الجهاد الذى هو فى الله ولله جل فى علاه يا جماعة الأحباب تطهير القلب واللب من سوى الكريم الوهاب عز وجل وفطم النفوس عن عاداتها ومألوفاتها وحظوظها وأهوائها وإذا إستطاع الإنسان أن يجاهد نفسه فى ذلك وأن يصفى قابه على ذلك يبدأبعد ذلك فى تحسين الطوايا وتخليص الطوايا حتى تصبح النية كما يقول فيها خير البرية :{نية المرء خير من عمله} وجهاد الصالحين الأعظم فى هذه النوايا إذ يٌركّب ربه عز وجل له فى قلبه الإخلاص فيجعل كل عمل يتوجه به إلى الحق أو إلى الخلق أو إلى نفسه أو إلى أهله تصحبه نوايا خالصه لله كلها يلهمه بها الله جل فى علاه {والذين جاهدوا فينا لنهدينهم سبلنا} وأول سبيل يهديه الله إلى العبد ,,الإخلاص ,, الذى يقول فيه الله عز وجل :{الإخلاص سر من أسرارى أستودعه قلب من أحب من عبادى لا يطلع عليه ملك فيكتبه ولا شيطان فيفسده} وإذا أعطى الله العبد الإخلاص منحة من عنده فقد أعطاه سر الخلاص ,,ولا مناص إلا أن يصبح هذا العبد من الخواص الذين يحبهم الله عز وجل ويعطيهم بما أعطى غيرهم من أهل الإختصاص ...
هل فينا من يستطيع أن يٌحصّل الإخلاص ؟؟؟... كلا ... كل ما على العبد فقط أن يصفّى نفسه ويطهر قلبه ويتجه بالكلية إلى الله لا يرجو سواه ولا يرجو غير رضاه ولا يرجو أحد من خلق الله لأنه على يقين أن الجميع لا يملكون لأنفسهم ضراََ ولا نفعاََولا موتاََ ولا حياة ولا نشوراََ فلا يطلب إلا ِمنْ مَنْ بيده الضر والنفع والحياة والموت وهو على كل شيئ قدير .... وليس معنى ذلك أن يترك الأسباب وإنما يتلمس الأسباب ويمسكها بجوارحه ويرى مسبب الأسباب يفعل بقلبه ولطائفه وهذا هو المهم لأننا جميعاََ نتلمس الأسباب ولكننا نظن أنها تفعل أو أنها تعطى لكن يجب على العبد أن يتلمس الأسباب بجوارحه ويرى بقلبه ولطائفه أن مسبب الأسباب هو الفعّال لما يريد وهو القائم بمصالح جميع الخلق وجميع العبيد ولا يستطيع واحد منهم أن يزيد أو ينقص من العطاء الذى قدّره له الحميد المجيد عز وجل ... إذن أول سبيل لمن يريد الله لهم العنايه ... الإخلاص ... وهو الذى يوصل العبد لأن يكون من الخواص ...
والسبيل الثانى هو الصدق {إن المتقين فى جنات ونهر فى مقعد صدق عند مليك مقتدر} ... كيف يصل العبد إلى هذه المرتبه ؟؟؟....
لابد أولاََ من أن يبدأ بالصدق مع النفس فلا يخش نفسه و ينظر و يبحث في نفسه لكى يعرف حقيقة نفسه و ما أصلها ... وذلك لكى يعرف فضل الله عز و جل عليه و أنظروا إلى الرجل الذى عرف نفسه و هو شيخنا و إمامنا الأمام ابى العزائم و هو يقول :
علمت نفسى أنى كنت لا شيئا ََ فصرتٌ لا شيئ في نفسى و فى كلي
بهِ تنزه صرت الأن موجودا ََ بهِ وجودى وإمدادى به فعلي
و من أنا عدمُُ الله جملنى فصرت صورته العليا بلا نيلي
أوله الصدق مع النفس و الصدق مع العبد الذى سيأحذ بيدى ليوصلنى إلى الحق و إياك أن تضحك عليك نفسك و تحولك و تبدلك و تغيرك و كل نفسك هذه - و أنظر للخطاب الذى هو لأولى الألباب { وَاصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُم بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ وَلَا تَعْدُ عَيْنَاكَ عَنْهُمْ تُرِيدُ زِينَةَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَلَا تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنَا قَلْبَهُ عَن ذِكْرِنَا وَاتَّبَعَ هَوَاهُ وَكَانَ أَمْرُهُ فُرُطًا ﴿28﴾} – من الذى يصبر ؟.. أنا و أنت مع هؤلاء – الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُم بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ – و إياك أن تحول نظرك عنهم فتشغلك الدنيا أو تفتنك الشهوات و الحظوظ و الأهواء أو تشغلك الكرامات أو المشيخه و المناصب و الدرجات - وَلَا تَعْدُ عَيْنَاكَ عَنْهُمْ تُرِيدُ زِينَةَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا – و إياك أن تسمع إلى اللوام الذين حُرِمُوا من هذا المدام و إياك أن تسمع لعزول حُرم من هذا النور و قلبه دائما ََ في أُفول - وَلَا تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنَا قَلْبَهُ عَن ذِكْرِنَا- غافل عن ذكر الله فلا شأن لك به و لاتسمع نصيحته ... هل يسمع أحد نصيحة غافل؟... كلا بل أسمع نصيحة ذاكر
و لذلك عندما أسأل حتى عن آيه فى كتاب الله أو معنى حديث لرسول الله "صلى الله عليه وسلم " أو عن معنى حكمه لرجل من الصالحين .. أسأل من يا رب ؟...
فسألوا أهل الذكر – أى الذاكرين الفاكرين الحاضرين – إن كنتم لا تعلمون و ذلك لأن نور المذكور في الصدور يجعل هؤلاء يتلقون من حضرة الله الأجابه المناسبه لك و التى تقول عليها عندما تسمعها – نورٌ على نورٌ – و تقول كأنه يعرف ما عندى و يعطينى الإجابه التى تريحنى و تطمأن بها نفسي و يرتاح لها فؤادى و قلبى والإجابه التى ٌتسهّل لىّ الطريقه وتختصر لىّ المسافه بلا تعويق وتجعلنى فى أقل من لمح البصر من أهل النور والتحقيق بعد أن كنت فى ظلمات الدنيا وأهوائها غريق ...
الصدق نور يقين كشف حقيقتى به تنجلى الأسرار حال الشهادة
والصدق سلم الوصال و منزل يرفى به الصديق أرفع رتبة
{ولا يزال الرجل يصدق ويتحرى الصدق حتى يكتب عند الله صدّيقاََ} وهذا هو المراد أن يكون العبد صديقا وهى أعلى رتبة فى أهل التحقيق بعد الأنبياء والمرسلين فيظل الإنسان يصدٌقْ مع نفسه فيلومها إذا أخطأت ويعاتبها إذا لهت ويحاكمها حكماََ شديدا إذا سهت ....فإذا كنت لن تلوم نفسك فإنك تغضب منى عندما ألومك {لا أقسم بالنفس اللوامه} لابد أن تكون نفسك لوامة لذاتك وليس لغيرك وإذا لمت نفسك وعاتبتها وحاسبتها فإنك ستكون من الصادقين ... وبعد ذلك عاتبها وحاسبها إذا قصّرت مع الصالحين فالصالحون لا يريدون منا شيئاََ لا فى الدنيا ولا فى الأخره ولكن لسان حالهم يقول دائماََ:
لولا الذين تحبهم لفررت من كل الخلائق سائحاََ فرارا
قلبى لديك وبالبرلس هيكلى أوصل إليك الصعب أعلى منارا
سيدنا أبى الحسن الشاذلى رضى الله عنه كان فى جبل شاذله فى تونس يتعبد لله (وعبادة الصالحين والأولياء تختلف عن عبادة العباد) وقد وضحنا عبادة الصالحين أن الواحد منهم يمسك جلاّيه يٌجْلى بها قلبه وكذلك يمسك مبرد يهذب به النفس ...
هذب النفس إن رمت الوصول غير هذا عندنا عين الفضول
وبعد أن يهذب النفس يصفى القلب من كل الشوائب الدنيويه والأخرويه إلى أن لا يكون فيه إلا زينة رب البريه التى كتبها فى الأزليه {أولئك كتب فى قلوبهم الإيمان} هل كتبه وفقط ؟؟؟... بل وزينه فى قلوبكم ... هو عز شأنه الذى زينه هذه الزينه ولكن عندما مشينا فى الدنيا وتٌهنا مع التائهين تغطت هذه الزينه وأصبح عليها ران .. أما الخواص فعليهم دائماََ معالجة القلب بمراهم الصفاء من كتاب الله والنقاء من سنة رسول الله حنى يصفو القلب من الوهم والشبهات ...
إذا صفا الفلب من وهم وشبهات يشاهد الغيب مسروداََ بآيات
وذلك لأنه رأى الغيب يوم ألست بربكم ... ألم نشاهد ونرى ونسمع الخطاب ثم رددنا الجواب ومن هذا اليوم لا ننسى ...
من ألست لم ننسى ما قد شهدنا من جمال الجميل إذ خاطبنا
وهناك من يزال يسمع النغمه وهناك من يزال يسمع الرنه وهناك من يزال يسمع الحفيف والكلام اللطيف الذى خرج من حضرة اللطيف عز وجل وسمعتْهٌ وهى خاليه من العيوب ولما جائت العيوب غطت على ذلك فكان سيدنا أبى الحسن يجاهد فى الجبل وإذا بالحق عز وجل يقول :يا على إنزل إهدى الناس إلينا قال يا ربى تتركنى لخلقك هذا يطعمنى وذاك يتركنى قال يا على أنفق وأنا الملى إن شئت من الجيب وإن شئت من الغيب (إذا أقامك أعانك) فإن أردت أن نضع لك ما تريد فى جيبك فلا مانع وإذا أردت أن تأخذه من الغيب طازج فلا مانع ...
كذلك سيدى أبو العباس المرسى رضي الله عنه كٌلف بتبليغ الرساله وأداء الأمانه فقال يا رب إعفنى من ذلك قال فقيل لى نفذ وإلا سلبناك وعزلناك فقام لتنفيذ أمر الله لكن العبرة من ذلك أن الصالحين يريدون كما قالت السيده رابعه العدويه : دعونى وحبيبى (فأنا لا أريد الناس ومشاكلهم ومتاعبهم) لكن من الذى يريد ومن الذى يحتاج ؟ {نحن} من الذى ذهب للآخر هل سيدنا الخضر هو الذى ذهب لسيدنا موسى أم العكس ؟؟ ..سيدنا موسى هو الذى ذهب إلى الخضر... وكم من الوقت إستغرق فى الوصول إليه ؟؟..لقد قال لو إستغرق الأمر أن أمشى حقبه من الزمان (والحقبه ثمانون عاماََ ) حتى أبلغ مجمع البحرين لملاقاة الرجل الصالح وذلك لأنه علم أنه يحتاج العبد الصالح ...
وعندما يعثر الإنسان على الرجل الصالح تضحك عليه النفس والهوى ويلعبون به ويريد أن يمشى على حسب حظه وهواه ويظن أنه بذلك ينال رضاه وقد نسى قول الله جل فى علاه : {يخادعون الله والذين آمنوا وما يخدعون إلا أنفسهم وما يشعرون} .. إن صحبة الصالحين يلزمها الصدق واليقين وإذا تشككت لحظه فى الرجل الصالح الذى تصحبه ظاهراََ أو باطناََ رجعت إلى الخلف آلاف السنين وذلك لأن الأمر كله مبنى على العقيده ولا يأتى الإنتفاغ إلا عن طريق العقيده ...
لأن الرجل بابك إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا تستطيع أن تأخذ من رسول الله صلى الله عليه وسلم مباشرة فهو يأخذ من رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم يناولك فإذا إختلت العقيدة طرفة عين أو أقل حٌرم الإنسان المدد وهذا هو نظام الصالحين إذ لابد من الصدق مع الصالحين ... كيف يكون الصدق ؟؟؟...
أياك أن تخفى عليه شيئ فإنك تضر نفسك ... مثلاََمن يذهب إلى الطبيب ولا يكشف له مواطن الداء هل يبرأ من مرضه ؟؟؟...لا لن يبرأ من مرضه إلا إذا كشف للطبيب مواطن الداء حتى لو كان فى العوره ويحكى له عن كل ما يجده كى يحسن التشخيص ويعطيه الدواء اللازم الذى يشفيه فى الحال وتأتيه الصحة من الواحد المتعال عز وجل ... كذلك نفس الأمر... وقد يقول البعض كما نسمع :وهل يغيب شيئ عن العارفين إنهم يرون كل شيئ .. نعم لا يغيب عنهم شيئ لكن الله أمرهم كما أمر سيد المرسلين باتباع الشرع الأمين فان كنت صامت لاتريد الكلام فهو مأمور ألا يفضحك وهذه مصلحتك وإذا كاشف الرجل الصالح واحد فلأنه فى الظلمات وهو يريد بذلك أن ينتشله وتكون ضروره ... أما أنت فسالك معه فبماذا يكاشفك ؟؟؟...
هل كلما جلست معه يقول لك لقد فعلت أمس كذا وكذا وأول أمس كذا ؟؟؟... ليس لديه وقت لذلك وإنما كما قالت الآيه {يدعون ربهم بالغداة والعشى يريدون وجهه} ليس لديهم وقت يلتفتون فيه للعباد ...
والعارف الفرد محبوب لخالقه فات المقامات تحقيقا ََ وتمكينا
وفى كل نفس له نور يشاهده من حضرة الحق تحقيقاوتيقينا
يمشى على الأرض فى ذل ومسكنة هام الملائك شوقا فيه وحنينا
يتسترون بالعبوديه التى كانت عليها الذات المحمديه والعبوديه تغر الجاهلين والمبعدين والمستدرجين لأنهم يريدون المجذوب الذى يجرى خلفهم أو يمسك العصا أو يضربهم أو الذى يفضحهم ويقول لقد فعلت أمس كذا وكذا وفعلت أول أمس كذا وكذا ... فهل المجذوب ولى مرشد ؟؟؟...حيى لو كان ولياََ فهو ولىٌٌ لنفسه ... لكن الولى المرشد لابد وأن يكون على الكمال المحمدى عبد لا يطلع على باطنه أحد إلا الواحد الأحد وظاهره بين الخلق كعامة الخلق لأنه متأدب مع حضرة الحق عز وجل يمشى معهم ويأكل معهم ويعمل مثلهم ويحصّل الأقوات مثلهم وهذا هو حال الولى العارف المتمكن المرشد (وهذا خلاف المجاذيب) فالمجاذيب لاينفعون فى الإقتداء والإتباع ولا حتى تطلب منهم دعاء فقد طلب واحد ذات يوم من مجذوب أن يدعو له فقال اللهم إبتليه بالمرض فمرض على الفور وطلب آخر من مجذوب دعوه فقال اللهم إبتليه بالفقر فجائه الفقر وذلك لأن المجذوب يرى أن هذا الأمر جيد بالنسبة له فهو يدعو لغيره على هذا الأساس لكن الرجل العبد الذى على منهج رسول الله صلى الله عليه وسلم والكمال المحمدى الذى يقول فيه الله : ...{ومن يضلل فلن تجد له ولياََ مرشدا } ...
وقد كان أهل مكه يقولون على رسول الله صلى الله عليه وسلم أبشراََ مثلنا نتبعه إنه مثلنا {مالهذا الرسول يأكل الطعام ويمشى فى الأسواق} إنه يأكل مثلنا ويتاجر مثلنا ..غرتهم البشريه مع أن الشيخ أبو الحسن الشاذلى رضى الله عنه يتكلم مع أهل الحقيقه ويقول :والله ما أكل رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا لنا ليعلمنا كيف نأكل وما شرب رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا ليعلمنا كيف نشرب ولا عمل عملاََ ظاهراََ أو باطناََإلا لنا ليعلمنا كيف نعمله فإنه صلى الله عليه وسلم يقول إنى أبيت عند ربى فيطعمنى ويسقينى فإنه لا يحتاج إلى طعام أو شراب ولكن كيف كان يعلمنا هذه الآداب ؟؟؟... كان يجلس معنا ومع الأطفال الصغار وكان يأخذ بيد الصغير ويقول يا غلام سمّ الله وكل بيمينك وكل من ما يليك ...
إذن علينا أن نأخذ الإقتداء من الصالحين الصادقين أهل مقام العبودية الكامله والوراثه الأكمليه لسيد الأولين والأخرين صلى الله عليه وسلم وعلى العبد أن يصْدٌقْ مع هؤلاء كى ينال مناه ومن يلعب فعلى نفسه ومن يضحك فعلى نفسه والذى يظن أنه يخدع فإنه يخدع نفسه والصادق هو الذى يمشى على المنهج القويم والطريق المسنقيم إلى أن ينال قسط من هذا العطاء الكريم بسبب هذا الولى الحكيم الذى صدق معه فى الإتباع حتى أحبه فإن الله ينظر فى قلب العارف سبعين مرة فى كل يوم فإذا وجدك فيه أحبك وإذا أحبك إجتباك وللعمل الصالح وفقك وهداك وهذا هو الطريق ولا طريق غيره يا أهل الله ...
وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم