Visits number:255
Downloads number:Not found

أما البشريات فى رمضان! ... فأمور فوق العقل والإمكان!
وقبل أن أدخل إلى البشرى المقصودة .. أريد أن أروِّح عن قلوبكم بسؤال: كيف يعرف أهل الملاء الأعلى أن أول ليلة من رمضات قد حلَّت على المسلمين على الأرض وليس عندهم ليل ولا نهار ولا شمس ولا قمر! اسمعوا لحبيب الله صلى الله عليه وسلم:
{ إنَّ الْجَنَّةَ لَتُنَجَّدُ وَتُزَّيَّنُ مِنَ الْحَوْلِ إلَى الْحَوْلِ لِدُخُولِ شَهْرِ رَمَضَانَ، فَإذَا كَانَتْ أَوَّلُ لَيْلَةٍ مِنْ شَهْرِ رَمَضَانَ هَبَّتْ رِيحٌ مِنْ تَحْتِ الْعَرْشِ يُقَالُ لَهَا الْمُثِيرَةُ فَتُصَفِّقُ وَرَقُ أَشْجَارِ الْجِنَانِ وَحِلَقُ الْمَصَارِيعِ؛ فَيُسْمَعُ لِذلِكَ طَنِينٌ لَمْ يَسْمَعِ السَّامِعُونَ أَحْسَنَ مِنْهُ؛ فَتَبْرُزُ الْحُورُ العِيْنُ حَتَّى يَقِفْنَ بَيْنَ شُرَفِ الْجَنَّةِ فَيُنَادِينَ هَلْ مِنْ خَاطِبٍ إلَى اللَّهِ فَيُزَوِّجَهُ، ثُمَّ يَقُلْنَ الْحُورُ العِينُ: يَا رِضْوَانَ الْجَنَّةِ، مَا هذِهِ اللَّيْلَةُ فَيُجِيبُهُنَّ بِالتَّلْبِيَةِ، ثُمَّ يَقُولُ: هذِهِ أَوَّلُ لَيْلَةٍ مِنْ شَهْرِ رَمَضَانَ فُتِّحَتْ أَبْوَابُ الْجَنَّةِ لِلْصَّائِمِينَ مِنْ أُمَّةِ مُحَمَّدٍ }[1]
هل عرفتم ماذا يحدث للجنة فى رمضان .. وكيف تعرف الحور العين أن الشهر الكريم قد أقبل .... ونعود لبشرى نوال التقوى فى رمضان!
جعل المسلمون شهر رمضان شهر الطعام وليس شهر الصيام، فنجد الأسواق والمحلات كلها مملوءة بالمأكولات، وشهر رمضان شهر جعله الله لغذاء القلوب، فنحن نشتغل بتغذية الأجسام إحدى عشر شهراً فى العام، وهذا الشهر نقوى فيه قلوبنا، ونطلق فيه أرواحنا، ونغذى القلوب بتلاوة كتاب الله، وبالمداومة على ذكر الله، وبالإنفاق على الضعفاء والفقراء والمساكين، وبعمل البر والخير فى كل وقت وحين .... فلنفقه الأمر إذاً، ولنسمع بآذان قلوبنا إلى قول الله:
{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ }البقرة183
لم يقل لعلكم تأكلون! أو لعلكم تشربون! لكن الله جعله لتقوى الله!
لأن قول { لَعَلَّكُمْ }البقرة183 فى حقِّ الله ليست للتمنى ولا للترجى! ولكنها للتحقق والنفاذ! أى لتتقون وتصيرون من الأتقياء وهذه هى البشرى ياسعداء!
فهو شهر يحصل فيه المرء بالهدى الإلهى، وبإتباع الشرع المحمدى على درجة من التقى، ولذلك جعل الله ليلة القدر ترقية لجميع المؤمنين السائرين على المنهج الصحيح فى الإتباع لسيد الأولين والآخرين، فكل رجل منهم يحصل فى هذا التوقيت على درجة إلهية، أو درجات ربانية، لأنه اتبع أوامر الله ومشى على هدى حبيب الله ومصطفاه.
فاحرصوا كل الحرص فى شهر رمضان على حسن المتابعة للنبى العدنان، إياكم ومتابعة المسلسلات فإنها توقع الإنسان فى الغفلات، ثم بعد ذلك تجعله ينزلق إلى الشهوات والمحرمات، ويظن بعد ذلك أنه صائم! هل الصائم فى نهار الصيام يشاهد المشاهد التى تغضب الله والتى حرمها دين الله والتى نهى عنها رسول الله؟!
الصائم لا يُرى فى نهار رمضان إلا تالياً لكتاب الله، أو ذاكراً لمولاه، أو حاضراً لدرس علم يفقهه فى دين الله، أو واصلاً لرحمه، أو متفقداً لفقير أو مسكين، أو فى عمله الذى يحصل منه على قوته بإخلاص وصدق ويقين، ولكن ليس له فيه سهو ولا لغو ولا غفلة عن الله، قال مولانا الإمام أبو العزائم فى سر الصيام والصلاة معاً:
ظهور المعاني مقتضاها تجملي | برتبة تكويني بأسرار منزلي |
ظهور به الرب القريب يلوح لي | بسر العبادة من تفصيل مجملي |
صيام به اللاهوت صوبي مواجهي | بحال اتحاد في مقامات أولي |
أصوم لأخفى عن عناصر رتبتي | صمدت إلى المعبود لا بتأول |
مقامات تشبيه صيامي يشير لي | إلى أن معتادي أنتفى في تنقلي |
تنقلت من رسمي إلى السور رافعا | ظلال المباني في علي تمثلي |
تمثلت بدئي في مقام تجردي | فصح صيام القلب يا روح حيهلي |
ألاح لي الصوم المجمل هيكلي | شهود صفات الحق في روض هيكلي |
أنا هيكل إستجلا الصفات ورقها | وبيت هو المعمور بالمشهد العلي |
صيامي العبودة في شهود جماله | به صرت في التشبيه كعبة معقلي |
أصوم مع العالين صومي فوقهم | أصوم مع الأدنين في سور منزلي |
وصومي ترك الترك في حظوةالصفا | وغير ترك الحظ يا نفس هرولي |
إلى حضرة المجلى ففري فإنني | أصوم صياما لا يباح لأمثل |
أصلي نهار الصوم وهو علي قد | يصلي صلاة الإتحاد المجمل |
صلاة بها صح انتسابي لحضرة | تعالت عن التشبيه يا روح أقبلي |
فإن صيامي والصلاة إجابتي | لمن من بالإحسان منه بأجمل |
صمدت إليه راغبا حال رهبتي | تنزل بإحسان من الفضل يا ولي |