Visits number:392
Downloads number:6

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله الذى شرفنا ببيوته فى الأرض لعبادته ، وتلاوة كتابه ، وألهمنا فيها ذكره وشكره وحسن عبادته .. والصلاة والسلام على الهادى الأعظم لجميع الأنام .. سيدنا محمد وصحابته العظام ، وكل من إهتدى بهديه إلى يوم الدين ، وعلينا معهم أجمعين .. آمين .. آمين يارب العالمين إخوانى وأحبابى بارك الله عزّ وجلّ فيكم أجمعين :
فى هذه الأيام إنتشرت فى الفضائيات القنوات الخاصة التى يعملها أفراد ، وقد كانت القنوات الفضائية فى البداية قاصرة على الحكومات .. أمّا الآن فإنّ أى فرد يملك المال يعمل قناة فضائية ، وذلك لأنها مشروعات تجارية رابحة .. بل تعتبر من أنجح المشروعات فى عصرنا بسبب الإعلانات ، لذلك لا يعملها إلا ّ رجال الأعمال ، لكن من خطورة هذه القنوات الفضائية ، أن صاحبها يريد أن ينشر الفكر الذى يعتقده عن هذهطريق هذه القناة .. فإذا كان صاحب هذه القناة وهّابى ، فإنه يريد فكر هذه القناة وبرامجها فى إطار الوهّابية .. ولذلك يشترط على العالم الذى يععمل فى القناة ان يردد أفكار وآراء الوهّابية .
وإذا كان صاحب القناة شيعىّ ، فإنه ينشر فيها العقيدة والفكر الشيعىّ ، لذلك تجد أن هذه القنوات تخلوا إلا ّ ماندر من علماء الأزهر .. وقد عرض أصحاب هذه القنوات على علماء الأزهر ، وعرضوا عليّا انا شخصيّا ً العمل فى هذه القنوات .. ورفضنا جميعا ً ، إذ كيف أنسلخ من فكرى ةأذهب إلى قناة مثل هذه القنوات لأعرض آراءهم مع أنّى لا أقتنع بها ، بل أهاجمها. فكانت النتيجة أنّهم جاءوا بعلماء يتكلمون بما يريد صاحب القناة .
هذه القنوات يا إخوانى أحدثت بلبلة عظيمة بين المسلمين الآن ، لأنّ الكثير منّا يجلس بالليل ويقلبّ هذه القنوات، ويسمع هذا وذاك، فتهتّز عقيدته ويتغيّر فكره ونحن نعانى من مشكلات كثيرة لا تُعد ولا تُحصى ، لأن هذه القنوات تسمعها النساء فى المنازل ، والقناة تقول أن النقاب فريضة والتى لا تتنّقب ستدخل النار مما تسبب فى مشاكل ومشادّات كثيرة يصل الأمر فيها إلى الطلاق .. وذلك لأن المرأة تقول : إنّ قناة كذا تقول كذا وكذا ، ويُهيّأ لها ان هذه القناة هى كل شيءٍ .
فما هى الأمور التى تهاجمها هذه القناة ؟
إنها تهاجم أحوال الصوفيّة .. فالقنوات الوهّابية تسير على هذا المذهب الوهّابى الذى يشنع على الصالحين ويقول أنه لا أحد ٍ من الصالحين موجودا ً الآن ، وأنّ كل ما يفعله الناس فى إطار الصالحين غير صحيح .. وعندهم أن الذى على غير مبادئهم فهو غيرمستقيم على الدين ن لأنهم يظنون أنّ الدين هو ماهم عليه فقط من آراء ومعتقدات .. مع الدين واسعٌ ويسع الجميع .
وهناك واحدٌ من أحبابنا يقول أنه رأى فى قناة فضائية من يقول أنّ العهد والتلقين الذى يلقّنه الشيخ للمريد غير وارد فى السُنّة ، وأنه غير شرعىّ ، ونحن نقول له : أنّ الإسم الأصلىّ ليس العهد ، وإنّما هو البيعة ، وهناك من يقول البيعة ، وهناك من يقول العهد .. فأين الأساس فى ذلك ؟
أساسه من رسول الله ، وموجود فى الأسانيد الصحيحة فى كتاب الله، وفى سنّة رسول الله صلى الله عليه وسلم .
﴿ إِنَّ الَّذِينَ يُبَايِعُونَكَ إِنَّمَا يُبَايِعُونَ الله يَدُ الله ﴾( الفتح : 10) وقد كان من يدخل فى الإسلام يقول له سيدنا رسول الله : أمدد يدك لأبايعك ، ويضع يده فى يد رسول الله ، فيلقنه رسول الله الشهادتين .
سيدنا عمرو بن العاص عندما وافته المنيّة أخذ يبكى بكاءا ً شديدا ً وعندما سألوه عن ذلك .. قال لهم : (عندما بايعنى رسول الله ، وعشت معه كنت فى حالة ٍ طيّبة ٍ وأتمنّى أن أموت عليها ، وبعد إنتقال رسول الله تغيّرت الأحوال ، ولعبت بى السياسة ، ولا أعرف ما يؤول إليه مصيرى .. فقالوا : كيف بايعك رسول الله ؟ .. قال : عندما هاجرت لرسول الله ، قال : أمدد يدك أبايعك .. فمددت يدى ثم قبضتها .. والحديث موجود فى البخارى ومسلم .. فقال رسول الله : يا عمرو لماذا قبضت يدك ؟
فقلت : أشترط !! قال : وما ذا تشترط ؟ .. قلت : أن يغفر الله عزّ وجلّ لى .. فقال : يا عمرو إن الإسلام يهدم ما قبله ، وإنّ الحج يهدم ما قبله ، وإنّ الجهاد يهدم ما قبله ..) يعنى ما دمت قد دخلت فى الإسلام ، فإنّ ما فعلته قبل الإسلام من المعاصى والذنوب والآثام ينهدم بإذن الله عزّ وجلّ .
إذن كان رسول الله يبايع كل من كان يدخل فى الإسلام والمبايعة ، أنه يلقنه لا إله إلا ّ الله محمد رسول الله .. ولما أراد صلى الله عليه وسلم الهجرة إلى المدينة تقابل مع إثنى عشر رجلا ً من المدينة .. وهم الأنصار .. وبعد ذلك فى موسم الحج وعند العقبة ، وهو المكان الذى رمى فيه الجمرات ...بايع هؤلاء الرجال على أنهم يدخلون فى الإسلام ، ويعملون على نشره فى المدينة .. فقالوا : أرسل معنا من يعيننا على ذلك .. وأرسل معهم سيدنا مصعب بن عُميْر رضى الله عنه .
وتلك البيعة نسميها بيعة العقبة الصُغرى .. فذهب معهم مصعب بن عُميْر ليعظ الناس ويقرأ لهم القرآن ويؤمُهم فى الصلاة ، وقد فتح الله علي يديه مُعظم بقاع المدينة .. وعندما حان موعد الحج فى العام التالى ، ذهب وفدٌ كبيرٌ من ثلاثة وسبعون رجلا ً وإمرأتين .. فأخذ عليهم سيدنا رسول الله العهد والبيعة ، أنه يهاجر إلى المدينة فيحمون نساءهم وأولادهم ، وثمن البيعة أن يدخلوا الجنّة ( وذلك لأنهم قالوا : فما لنا يارسول الله بهذه البيعة ، قال : الجنّة ) وقد أنزل الله عزّ وجلّ فيها قوله تعالى : ﴿ إِن الله اشْتَرَى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنْفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ بِأَنَّ لَهُمُ الْجَنَّةَ .. والثمن هو ... يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ الله فَيَقْتُلُونَ وَيُقْتَلُونَ وَعْدًا عَلَيْهِ حَقًّا فِي التَّوْرَاةِ وَالانْجِيلِ وَالْقُرْآَنِ وَمَنْ أَوْفَى بِعَهْدِهِ مِنَ الله فَاسْتَبْشِرُوا بِبَيْعِكُمُ الَّذِي بَايَعْتُمْ بِهِ وَذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ ﴾ ( التوبة : 111)
بعد ذلك ذهب رسول الله صلى الله عليه وسلم إلي المدينة المنورة وبايع كل من دخل في الإسلام حتى أن حضرة النبي صلى الله عليه وسلم بايع النساء أيضاً كما كان يبايع الرجال لكنه كان في مبايعته للنساء لا يضع يده في أيديهن .
أما في بيعة الرجال كان الرجل يضع يده في يد رسول الله صلى الله عليه وسلم اذا كان واحداً أما اذا كان أكثر من واحد فإن واحدٌ منهم يضع يده في يد رسول الله صلى الله عليه وسلم والباقي يضع يده فوق أيديهم معا ومن لم يستطيع فيضع يده علي كتفه أو علي أي جزء منه ، فتكون السلسة كلها واصلة برسول الله .
أما الكيفية التي كان يبايع بها النساء فقد كُنّ يضعن أيديهن فوق أيدى بعضهن .. ويضع يده هو صلى الله عليه وسلم فوق أيديهن بمسافة دون أن يمسههن ، وهذه المبايعة مذكورة في سورة الممتحنة :
﴿ يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا جَاءَكَ الْمُؤْمِنَاتُ يُبَايِعْنَكَ عَلَى أَنْ لا يُشْرِكْنَ بِالله شَيْئًا وَلا يَسْرِقْنَ وَلا يَزْنِينَ وَلا يَقْتُلْنَ أَوْلادَهُنَّ وَلا يَأْتِينَ بِبُهْتَانٍ يَفْتَرِينَهُ بَيْنَ أَيْدِيهِنَّ وَأَرْجُلِهِنَّ وَلا يَعْصِينَكَ فِي مَعْرُوفٍ فَبَايِعْهُنَّ وَاسْتَغْفِرْ لَهُنَّ الله إِنَّ الله غَفُورٌ رَحِيمٌ ﴾ (الممتحنة : 12 )
حتي أن سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم عندما دخل مكة وفتحها الله عليه أيضا كان يبايع الرجال منفردين ويبايع النساء منفردات .
وعندما كان يبايع النساء ، جاءت السيدة هند بنت عتبة زوجة أبي سفيان وهي التي أستأجرت وحشيّا ً الذي قتل سيدنا حمزة رضى الله عنه .
في غزوة أٌحد وقالت لو قتلت حمزة فأنت حُرُّ ، وبعد أن قتل الرجل سيدنا حمزة رضي ذهبت هند وبقرت بطنه وأخرجت كبده وأخذت تلوكها في فمها فاغتاظ منها سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم لأنه كان يحب عَمّه حمزة لأنة كان من أسباب الإعلان لدين الله بين الكفار في مكة .
عندما جاءت هذه المبايعة قالت لرسول الله صلى الله عليه وسلم يا رسول الله عفا الله عما سلف قال عفا الله عما سلف .
وعندما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم﴿ وَلا يَسْرِقْنَ وَلا يَزْنِينَ ﴾ ( الممتحنة : 12) قالت هند يا رسول الله أوتزني الحُرّة , فلما إنتهت البيعة معهن ، قالت : يا رسول الله إن أبا سفيان رجل شحيح وآخذ من ماله لأطعم أولادي فهل في ذلك شيء؟ ( فقال صلى الله عليه وسلم: خذي ما يكفيكي أنت وأولادك بالمعرف ) .. أى ما يكفيكِ والأولاد فقط .. ( فلا تأخذي وتدخري ولا تأخذي لتهدي بها )
كانت هذه بيعة النساء في مكة التي ذكرها الله في سورة الممتحنة فكان صلى الله عليه وسلم يبايع من يدخل حديثا في الاسلام بأن يمد له يده ويبايعه, أما من دخلوا الإسلام بعد ذلك وجاهدوا في سبيل الإسلام ويريدون الوصول إلي مقامات عالية ورفيعة عند الله عز وجل فماذا يفعلون ؟
يروي سيدنا علي رضي الله عنه وكرم الله وجهه ويقول : كنا جماعة مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال أفيكم غريب قلنا لا , قال أجيفوا الباب ـ أى أغلقوا الباب – تعالوا ألقنكم لا اله الا الله – إذ لابد من التلقين ـ حتي في القرآن فهل هناك من يستطع حفظ القرآن بدون أن يصحح التلاوة علي قارئ ؟ كلا إذ لابد وأن يصحح علي قارئ مهما كانت ثقافته وتعليمه ويحكي الشيخ الشعراوي رحمة الله عليه عن نفسه فيقول وأنا في الكتاب صغير.. وكالعاده فإن القارئ أو المحفظ يكلّف الأولاد والكبار يُسَمِعّون للصغار ويسمع الشيخ بذاتة للكبار وذلك لكثرة العدد أو يجعل الكبار يقرأون اللوح للصغار فيحكي ويقول وصلت في اللوح الي سورة " مريم " فقال لي الشيخ صحح اللوح علي فلان هذا ، فما كان مني إلا ّأنى زوّغت وهربت من الكُـتّاب وعندما جئت فى اليوم الثاني ، فلم أستطع التسميع خاصّة ًوأن اللوح كان في أول سورة مريم ﴿ كهيعص ﴾ فقرأتها بدون تفريد فضربني الشيخ ضرباً مبرحا ً.
إذن لايستطيع أحد قراءة القرآن إلا بعد أن يقرأه عليه واحدٌ سبقه له ، والقرآن قد لقنّه الله لأمين الوحى جبريل ، ثم لقنّه جبريل للحبيب صلى الله عليه وسلم ولقنه الحبيب لأصحابه ، والأصحاب لقنّوه للتابعين وسيظل التلقين إلي يوم الدين , ومن حكمة الله عز وجل أن للقرآن رَسْمٌ خاصٌ في الكتابة لا يقرأه الإنسان ولا يحفظه بدون تلقين.
والتلقين موجود في قول الله ﴿ وَإِنَّكَ لَتُلَقَّى الْقُرْآَنَ مِنْ لَدُنْ حَكِيمٍ عَلِيمٍ ﴾ ( النمل : 6 ) .
وقد قال أن سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم لقنّنا .. كيف ؟
( يروي الإمام عليٌّ أن رسول صلى الله عليه وسلم الله قال : أنا سأقول لا اله الا الله جهراً ثلاث مرات , وأنتم تنصتون .. ثم بعد أن أنتهي تقولوها ثلاث مرات من بعدي .. فوضعوا أيديهم في يد رسول الله ثم قال : لا اله الا الله ثلاث , ثم كرّروها ثلاثاً بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم) .
وعندما يقول رسول الله : لا اله الا الله بصوته ويده في يد أي عبدٍ فإنّ أنوار هذه الشهادة تسري في كل كيان هذا العبد فتطرد منه الغفلة وحظ الشيطان وتجعله من عباد الرحمن الذين ليس للشيطان عليهم سلطان , لذلك يشعر الإنسان بقشعريرة في كل جسمه , لأنها تسري في كل جسمه مثل الكهرباء .. وهذا ما مشي عليه السلف الصالح الي يومنا هذا .
فإذا أراد الإنسان بداية عهدٍ جديدٍ مع الله .. فيعمل فاصل ويفكر بصوتٍ عالٍ مع نفسه ويقول : لقد كنت في الفترة الماضية في لهوٍ أو في لعبٍ أو في معاصي وأريد الرجوع الي الله , فيري ويبحث عن أحدٍ من الصالحين .. وقد سنّ ذلك سيد الأولين والآخرين صلى الله عليه وسلم عندما حكي لنا ذلك رجلٌ من بني إسرائيل قتل تسعةً وتسعين نفساً , فذهب الي أحد العابدين وسأله هل لي من توبة ؟ .. قال لا وابعد عني حتي لا ينزل عليّ وعليك غضب الله , فقتله الرجل وأكمل به المائة .. ثم ذهب بعد ذلك الي رجل من العرفاء والحكماء وسأله هل لي من توبة ؟ .. قال: ومن الذي يمنعك من التوبة ؟
ولكني أري أن المكان الذي أنت فيه وأصحابك الذين من حولك أناس من الأشرار وهم الذين يحرّضُوك على الشرّ , وأرى أن هذه البلدة التي تعيش فيها بلدة سوء , فاذهب الي قرية كذا فإن هناك أناس صالحون تعيش في أكنافهم .. وهذه هي السنة .. فلكي تكون التوبة نصوحاً , لابد وأن أهجر قرناء السوء وأخطار أصحاباً من الأخيار .
ولذلك عندما سألوا الإمام أبو العزائم عن الصوفية والإنضمام إليهم قال : نريد منكم ثلاثا ً :
أولّها : مفارقة الأشرار , لأنك لو ظللت معهم فلن تهتدي , فمثلاً عندما تذهب للصلاه يقولون لك :
هل هداك الله ؟.. أدع لنا يا عم الشيخ .. وعندما تسمع ذلك تتردد ولا تذهب للصلاه .
وثانيها : مصاحبة الأخيار , أصحب الأخيار الذين يعينوني علي تقوي الله وطاعته .
وثالثها : السير علي السنن والآثار .
وقد أخذ الإمام أبو العزائم ذلك مما ورد عن حضرة النبي أن الرجل الصالح الذي أمر القاتل أنه : (إذا أرادت أن تتوب عليك أن تترك بلدة قرناء السوء وتذهب إلي بلدة كذا فإن فيها أناس صالحون ..وقد سمع الرجل ما أشار به علية الرجل الصالح ومشي الي البلدة التي أشار اليها وقبل أن يصل الي نصف المسافة إنتهي أجله .. وعند إنتهاء أجل أي انسان ينزل : إما جماعة من الجنة معهم كفن من الجنة وعطر من الجنة يستقبلون هذه الروح إن كانت روحُ طيبة .
وإما أن ينزل جماعة من ملائكة العذاب ومعهم السلاسل والأغلال ليقيدوه بها إن كانت هذه الروح خبيثة .. وقد مات الرجل قبل أن يقوم بأي عمل صالح ، حتي أنه لا توجد له حسنة واحدة , ولم يصلي ركعةً واحدة فقط , كانت لديه النيّة أن يتوب .
فإختلف ملائكة الرحمة وملائكة العذاب في أمره , فقال ملائكة العذاب : فلنري صحيفته فإن كان بها حسنة واحدة فلتأخذوه .. فقال ملائكتة الرحمة لقد خرج تائباً .. فاختلفوا .. ولما إزداد الخلاف أنزل الله عز وجل مَلَكَاً يَحكُمُ بينهم , وعندما إحتكموا إليه قال لهم :-
نقيس الأرض من البلدة التي خرج منها الي أن وصل , ثم نقيس الأرض من نقطة وصوله إالي البلدة التي كان ينوي الذهاب اليها , فإذا كان الرجل أقرب الي البلدة التي خرج منها فإنه من نصيب ملائكة العذاب .. وإن كان أقرب الي البلدة الذاهب اليها فإنه من نصيب ملائكة الرحمة .
وقد قلنا أنه لم يكن قد وصل بعد الي نصف المسافة , وكان أقرب الي البلدة التي خرج منها , لكن سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم قال فأوحي الله الي الأرض أن امتدي , فإمتدت وزادت قدر زراع بعد النصف , فقبضته ملائكة الرحمة لأنه خرج تائباً الي الله عز وجل ).
اذاً لكي تتحقق للإنسان التوبة النصوح عليه أن يبتعد عن قرناء السوء , ويقترب من الأطهار الأخيار , ويبحث عن رجلٍ من الصالحين الأخيار ويتولاه فيوجهه وينصحه ويرشده , فيظل علي الخير والحق والهدى والطريق المستقيم .ولأن الإنسان الذي يريد صحبة الصالحين خرج تائباً .. يأتي للرجل الصالح .. وعلي هدي سنة سيد الأولين والأخرين ويسأله : هل تُبت توبةً نصوحا ؟ .. فيقول : نعم فيلقنه التوبة , وبعد التوبة يقول : ونشهد أن لا اله إلا الله وحده لا شريك له ونشهد أن سيدنا محمداً عبده ورسوله .. وهذا هو التلقين الذي يمشي عليه الصالحون والذي يسير علي هداه الأئمة أجمعون إقتداءً بسيد الأولين والأخرين صلى الله عليه وسلم .
وإذا اعترض علي هذا الإنسان واحد من أهل هذا الزمان , علينا أن نعلم أن هذا الإعتراض لشيءٍ في نفسه , ولهوٍ في نفسه .. ليؤيد مذهبه وينشر فكره , ونحن جميعاً قد ارتضينا المذاهب الأربعة وليس مذهب واحد , وكذلك ارتضينا بالعلم الذي يُدّرّسْ في أرقي وأعظم جامعة في العالم وهي جامعة الأزهر الشريف التي يتنافس عليها الجميع من كل رُبُوع الدنيا , والعلم فيها لله , والدّين فيها للديّان , فليس للجامعة إتجاهاً سياسيّ ولا إتجاه مذهبي , وإنما كما قلنا يدرُسُون العلم والدين لله وهذا ما أنجي مصر وأهل مصر من هذه الفتن .. فلا نريد بذلك أن نَنشُر مذهب ولا أن نفرِض إتجاهاً سياسياً , وإنما الأمر كلّهُ لوجه الله جلا ّفي عُلاه.
وصلي الله علي سيدنا محمد وعلي آله وصحبه وسلم
مسجد سيدى عبد الكريم ـ بعد صلاة الظهر - الثلاثاء 17/11/2009 ، 29 ذو القعدة 1431