كثيرٌ من الناس ينطقها خطئاً الغَيْبَة، ولكن نطقها الصحيح الغِيبَة، والغِيبة أن تذكر أخاك في الإسلام بما يكره في غيبته، يعني تتكلم عن واحد من المسلمين وتذكره بما يكرهه ولا يُحب سماعه، وإذا وصل إلى أُذنه شيء من هذا الكلام يتغير نحوك.
والغيبة جعلها الله عز وجل في كتاب الله أكل، فقال سبحانه وتعالى: " وَلا يَغْتَبْ بَعْضُكُمْ بَعْضًا أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَنْ يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتًا " (12الحجرات) يعني من يتكلم في حق أخيه كمن يأكل في لحم أخيه بعد موته، وطبعاً كما قال الله: " فَكَرِهْتُمُوهُ " (12الحجرات) فهذا شيء لا يرضاه أي إنسان.
بل حتى الحيوانات لا ترضى بذلك، فإن الكلاب تتقاتل وتتصارع مع بعضها، ولكن إذا مات كلبٌ لا يقربون منه ولا ينهشون لحمه، ينهشون أي لحمٍآخر لأي حيوان آخر، لكن إذا كان من جنس الكلاب لا يقربون منه ولا ينهشونه ويتركونه على هيئته كما هو، وهذا من العجب العجاب.
رُوي أنه في عصر رسول الله صلى الله عليه وسلَّم جلست امرأتان كبيرتان في السن معاً تتحدثان أثناء الصيام، وكالعادة الحديث فيه قيل وقال، وفلان وعلان، وقبل غروب الشمس بفترة أوشكتا على الهلاك، وأصبحتا غير قادرتين على تكملة الصيام، فأرسلتا رسولاً إلى رسول الله صلى الله عليه وسلَّم يستأذناه في الفطر، فالرسول صلى الله عليه وسلَّم بالبصيرة النورانية التي تفضَّل بها عليه رب البرية: " قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِي " (108يوسف) قال:
ونحن نعرف أن القيء عندما ينزل ينزل ببقايا الطعام التي أكلها الإنسان، يعني لو أكل فول نجد حبات الفول موجودة، أو أكل أي شيء آخر تجد هذا الصنف موجود في القيء لأنه لم يُهضم بعد الهضم الكلي، لكن هاتان حدث معهما - للعظة وللعبرة - أمر غريب، الأولى منهما ملأت نصف الكوب قيئاً دماً ولحماً، وهذا الشيء الغريب، والثانية أكملت الكوب كذلك دماً ولحماً، وكان تقرير معمل التحليل النوراني الرباني وهو نور البصيرة المحمدية لسيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلَّم.
نحن نصوم عن الحلال، فالطعام والشراب حلال، وجماع الرجل لزوجته حلال، والله يمنعنا عن الحلال في رمضان حتى يكون الحرام أشدُّ حُرمة في الامتناع عنه.
والغيبة كما ورد عن ابن عباس رضي الله عنهما: (من اغتاب فقد خرق صومه) يعني صومه انتهى، سواء كان في العمل، أو كان في المواصلات، أو كان في البيت، المؤمن في هذه الأيام المباركة يمتنع عن الغيبة بالكلية، والغيبة كما قلت: ذكر أخاك بما يكره، يعني أنني أذكره بشيء يُشينه ويعيبه.
أيضاً ذهب رسول الله صلى الله عليه وسلَّم مع أصحابه الكرام في غزوة تبوك، وتبوك شمال الجزيرة العربية وجنوب الأردن، والمسافة بينها وبين المدينة حوالي سبعمائة كيلومتراً أو أكثر، وكان في زمن الصيف الشديد، وكان أهل المدينة لم يجمعوا ثمار البلح، وهذا هو المحصول الرئيسي لهم.