Advanced search

دروس Related

  • صلاة التراويح أهميتها وفوائدها

    More
  • المفطرات المعنوية الرفث و الفسوق

    More
  • المفطرات المعنوية-الغيبة والنميمة

    More
View all

New الدروس

  • صلاة التراويح أهميتها وفوائدها

    More
  • المفطرات المعنوية الرفث و الفسوق

    More
  • المفطرات المعنوية-الغيبة والنميمة

    More
اعرض الكل

Most visited

  • آداب العزاء للسيدات

    More
  • أحداث آخر الزمان والقضاء علي اليهود

    More
  • رسالة التمام (إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق)ـ

    More
View all

يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا اللَّهَ ذِكْرًا كَثِيرً

Visits number:405 Downloads number:9
Download video Watch Download audio Listen
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا اللَّهَ ذِكْرًا كَثِيرً
Print Friendly, PDF & Email
+A -A



 

قرأ القاريء : بسم الله الرحمن الرحيم 

﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اذْكُرُوا الله ذِكْرًا كَثِيرًا (41) وَسَبِّحُوهُ بُكْرَةً وَأَصِيلا (42) هُوَ الَّذِي يُصَلِّي عَلَيْكُمْ وَمَلائِكَتُهُ لِيُخْرِجَكُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ وَكَانَ بِالْمُؤْمِنِينَ رَحِيمًا (43) تَحِيَّتُهُمْ يَوْمَ يَلْقَوْنَهُ سَلامٌ وَأَعَدَّ لَهُمْ أَجْرًا كَرِيمًا (44) ﴾ ( الأحزاب )

بسم الله الرحمن الرحيم : الحمد لله على واسع فضله ، وعميم جوده وكرمه الذى خصّ به عباده المؤمنين .. والصلاة والسلام على سبب كل خيرٍ ومصدر كل برٍّ، أرسله الله عزّ وجلّ لعباده المؤمنين .. سيدنا محمد وآله وصحبه والتابعين لهديه إلى يوم الدين ، وعلينا معهم أجمعين .. آمين آمين يارب العالمين .. 

ربنا عزّ وجلّ الغنىُّ عنّا وعن الإنس وعن الجنّ وعن الملائكة وعن الخلق أجمعين .. يطلب منّا طلباً، هذا الطلب قد يظُنّ البعض أنّه تبارك وتعالى وتنّزه يحتاج إليه .. فى حين أنه عنده السماوات السبع ، والذى يقول فيهنّ صلى الله عليه وسلم :

( مافى السماوات السبع موضع أربع أصابع ، إلاّ وفيه ملكٌ قائمٌ أو راكعٌ أو ساجدٌ يسبّح الله ويذكره ) .. وكذلك لا يوجد طائرٌ فى السماء ، ولا حيوانٌ فى الأرض ، ولا سمكة فى البحر إلاّ وتسبّح لله عزّ وجلّ ..

وكذلك لا يوجد جبلٌ ولا أرضٌ ولا ذرّة رملٍ ولا حفنة ترابٍ، ولا خشب أو أىّ شيءٍ من الجمادات ، إلاّ ويسبّح لله عزّ وجلّ :  ﴿ وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلا يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ ﴾ ( الإسراء: 44) .

 ﴿ وَالْمَلائِكَةُ يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ ﴾ ( الشورى: 5) ، ﴿ وَالطَّيْرُ صَافَّاتٍ .. ماذا تفعل ؟ ..

كُلٌّ قَدْ عَلِمَ صَلاتَهُ وَتَسْبِيحَهُ ﴾ ( النور: 41) تسبح بحمد ربّها ، والكل يسبّح .. فلماذا يريد منّا أن نذكره ونسبّح بحمده  ونتوجّه إليه بالطاعات وبالعبادات الكثيرة ، ويقول لنا من ذلك :

﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اذْكُرُوا الله ذِكْرًا كَثِيرًا (41) وَسَبِّحُوهُ بُكْرَةً وَأَصِيلا (42) ﴾ ( الأحزاب)  لماذا ؟

 يقول : إنّكم أفضل صنعةٍ صنعها الله ، وأفضل خِلقة أوجدها الله ، وسخّر لكم السماء وما فيها ، والأرض وما عليها وما بداخلها ، والحيوانات والطيور والنباتات والجمادات وغيرها .. كل ذلك خلقه الله للإنسان .. فهل يحتاج ربنا هذه الأشياء أو هل الملائكة تحتاج لهذه الأشياء ؟ .. لا .. لأن الملائكة لا تأكل ولا تشرب ولا تنام ولا تتزوج .

إذاً لماذا خلق كل هذه النعم ؟ .. لنا نحن :﴿ وَالانْعَامَ خَلَقَهَا لَكُمْ ﴾ ( النحل: 5) لكم فيها منافع ، ولكم فيها جمالٌ ، ولكم فيها إستخدامات وإستعمالات ألهمكم بها الله .

فمن الذى يتغذّى على كل أنواع النباتات والخضروات والفواكه ؟ .. إنّه الإنسان ، وحتّى إذا تغذّى عليها الحيوان .. فإنّ الحيوان ينتفع به الإنسان .

أيضاً هل يحتاج الله إلى الشمس أو إلى القمر أو إلى النجوم أو إلى الهواء أو إلى الماء ؟ .. كلاّ وإنّما هى كُلهّا للإنسان .. إذن فإنّ كل ما فى الكون العُلوىّ والسُفلىّ خلقه الله للإنسان .

كذلك فى الآخرة خلق الله جنّة عرضها السماوات والأرض .. فهل هى للملائكة ؟ .. أبداً لأن الملائكة هم الذين سيخدموننا فى الجنّة : 

﴿ وَالْمَلائِكَةُ يَدْخُلُونَ عَلَيْهِمْ مِنْ كُلِّ بَابٍ (23) سَلامٌ عَلَيْكُمْ بِمَا صَبَرْتُمْ فَنِعْمَ عُقْبَى الدَّارِ (24) ﴾ ( الرعد ) إذاً فهم خدمٌ لنا فى الجنّة، بل إن ربنا يسخرهم لنا فى الدنيا أيضاً ، فهناك منهم من يمشى أمامك ومنهم الذى يمشى خلفك ، ومنهم الذى عن يمينك ومنهم الذى عن شمالك ، وعندما تنام يحرسونك ويمنعون أى دبيب من الوصول إلى أُذُنِك ، أو أى حشرة من الوصول إلى عينك أو أنفك   ﴿ لَهُ مُعَقِّبَاتٌ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ يَحْفَظُونَهُ مِنْ أَمْرِ الله ﴾ ( الرعد: 11)

كم عدد هؤلاء الملائكة ؟ .. قالوا: يمشى مع الواحد دائماً لا يقل عن عشرين مَلَكَاً من الملائكة .. حرسٌ خصوصىّ لك .. أما العُبّاد من الملائكة والذين خلقهم الله لعبادته وطاعته ، قالوا أن الله أمرهم أن يجعلوا جانباً من عبادتهم وطاعتهم للمؤمنين حتى الذين يحملون العرش منهم :

﴿الَّذِينَ يَحْمِلُونَ الْعَرْشَ وَمَنْ حَوْلَهُ يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَيُؤْمِنُونَ بِهِ ﴾.. وبعد ذلك  .. ﴿ وَيَسْتَغْفِرُونَ لِلَّذِينَ آَمَنُوا ﴾ .. وأنظر إلى العناية الإلهيّة فالملائكة تستغفر لنا وليس هذا وحسب لكنهم يدعون لنا أيضاً  ..﴿ وَيَسْتَغْفِرُونَ لِلَّذِينَ آَمَنُوا ﴾.. ثم بعدها يقولون  ..﴿ رَبَّنَا وَسِعْتَ كُلَّ شَيْءٍ رَحْمَةً وَعِلْمًا فَاغْفِرْ لِلَّذِينَ تَابُوا وَاتَّبَعُوا سَبِيلَكَ وَقِهِمْ عَذَابَ الْجَحِيمِ (7) رَبَّنَا وَأَدْخِلْهُمْ جَنَّاتِ عَدْنٍ الَّتِي وَعَدْتَهُمْ﴾.. هل يكونوا وحدهم ؟ قالوا : لا .. نريد معهم آباءهم وأولادهم  ..﴿ وَمَنْ صَلَحَ مِنْ آَبَائِهِمْ وَأَزْوَاجِهِمْ وَذُرِّيَّاتِهِمْ إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (8)﴾. دعوةٌ شاملة  ..﴿ وَقِهِمُ السَّيِّئَاتِ وَمَنْ تَقِ السَّيِّئَاتِ يَوْمَئِذٍ فَقَدْ رَحِمْتَهُ وَذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ (9) ﴾ ( غافر) .

إنّها عريضةً طويلة يُقدمها حمَلَة العرش لله من أجلنا جماعة المؤمنين ، ونحن مع ذلك فى غفلةٍ عن الله ، وسهوٍ عن ذكر الله ، وكسلٍ عن طاعة الله ، وتثاقلٍ عن تلاوة كتاب الله ، بل نُضّيّع الوقت ونستهلكه فى اللهو واللعب ، وننسى أننا مسافرون إلى حضرة الله .. فهل يليق ذلك بنا ؟ أن كل ما حولنا يذكر الله ونحن وحدنا الساهين الغافلين ؟

فلذلك قال لنا أن كل ماسخرته من أجلكم فى ذكرٍ دائمٍ ، لذلك فإن الشيخ منصور الباز البطائحى رضى الله عنه عندما إقترب موعد إنتقاله إلى جوار الله ، سألوه من سيكون الخليفة من بعدك ؟ .. قال: إبن أختى أحمد الرفاعى ، فغضبت زوجته .. إذ كيف يترك إبنه ويعطى الخلافة لإبن أخته ، فتكلمت زوجته مع كبار مريديه من أجل ذلك ، فما كان منهم إلاّ ان تكلموا مع الشيخ من أجل أن يعطى الخلافة لإبنه ، فلم يرُدّ عليهم .

 وعندما تكلموا معه فى المرة الثالثة ، قال لهم إجمعوا لىَ الإثنين .. إبن أختى وإبنى .. وعندما جاء الإثنين ، قال لهما: أريد من كل واحدٍ منكم أن يذهب إلى البريّة ويأتنى بحمل حشيش .. فإنطلقا لتنفيذ الأمر ، فما كان من إبنه إلاّ ان أتى بحملٍ كبيرٍ من الحشيش ..

أما إبن أخته أحمد الرفاعى فإنه ذهب ولم يرجع ، وكان ذلك فى الصباح ، وعند الظهر أمر مريديه ان يبحثوا عنه ، وعندما عثروا عليه وجدوه واقفاً يتأمل ويتفكر فى خلق الله عزّ وجلّ ، فقالوا له: أن الشيخ يريدك ، وعندما ذهب إلى الشيخ سأله أين الحشيش الذى أمرتك بإحضاره ؟ ..

قال يا سيدى كلما هممت بقطع نبتةً وجدتها تذكر الله ، فأبيت أن أقطع نبتة تذكر الله عزّ وجلّ .. فقال: الشيخ هل رأيتم الفارق بين الإثنين ؟... إن هذا يسمع وأما الآخرفأصّمّ ..

 

 والشاهد من ذلك أن كل النباتات تذكر الله جلّ وعلا ، ونحن لا ننتبه ولذلك يقول لنا الله : إذا كان كل شيءٍ من حولكم يذكر الله .. فالعامود الذى أمامى يذكر الله، والمنبر والميكرفون الذى فى يدى يذكرالله ، والكوب الذى أمامى يذكر الله ، وهذه الزجاجة وما فيها يذكر الله .. وكل شيءٍ فى الوجود يذكر الله .. وكل ذلك خلقه الله من أجل الإنسان .. فهل بعد ذلك تغفلون عنى وعن ذكرى ؟

ويطالبنا الله بالذكر من أجل هذه الحقيقة ، لأنه يريد أن يرفعنا ويرفع قدرنا ، وكذلك يريد ألاّ يأتى يوم القيامة ونكون أقلّ من الجمادات أو الحيوانات ، أو أقلّ من الحشرات والنباتات التى لا تغفل عن ذكر الله طرفة عين أو أقلّ ، ولا تقطع نفَسَاً بغير ذكر الله ، ونحن المنقطعين فى اللهو واللعب والدنيا مع أن الله قد سخّر لنا بسلطانه وجبروته وقهرمانه كل ذلك .

 ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اذْكُرُوا الله ذِكْرًا كَثِيرًا (41) وَسَبِّحُوهُ بُكْرَةً وَأَصِيلا (42) ﴾ ( الأحزاب) .

وكيفية الذكر إن قلت : { لا إله إلاّ الله } .. فهو ذكر ..

 وإن قلت: { سبحان الله والحمد لله ولا إله إلاّ الله والله أكبر} .. فهو ذكر ..

 وإن قلت: { لا حول ولا قوة إلاّ بالله العلى العظيم } .. فهو ذكر ..

وإن قلت: { أستغفر الله العلى العظيم الذى لا إله إلاّ هو الحىّ القيّوم وأتوب إليه } .. فهو ذكر ..

وإن قلت: {أستغفر الله العظيم وفقط } فهو ذكر ..

وإذا صليّت على حضرة النبىّ .. فهو ذكر ، وإذا تلوت القرآن ، أو إستمعت أليه فى خشوعٍ وإنصاتٍ فهو ذكر..

إذاً فلماذا أوجب الله علينا ذكره ؟

ذلك لأن كل واحدٍ منّا خصص الله له قطعة أرض فى الجنّة ميراث .. فطالما أنت مؤمن فإن ميراثك قطعة أرضٍ فى الجنّة بشرط أن تقوم على زراعتها وفلاحتها ، فهل أزرع في الجنة وأنا هنا فى الدنيا ؟ .. نعم .. فما النبات الذى يُزرع فى هذه الأرض ؟

سيدنا إبراهيم الخليل قال لرسول الله وهو فى رحلة المعراج ، وكان واقفاً يسند ظهره على البيت المعمور ، وهو بيتٌ من النور فوق السماء السابعة فى مواجهة الكعبة تماماً .. وحِجّ الملائكة طوافهم حول البيت المعمور ، وحِجّنا الطواف بالبيت الحرام

ذهب سيدنا إبراهيم لرسول الله وألقى عليه السلام ، وقال : يا محمد أقرئ أمّتك منّى السلام ، وأخبرهم أنّ الجنة طيّبة التُربة ، عذبةُ الماء .. ما الزرع الموجود فيها ؟ .. وإنّ غِراسُها .. أى زرعُها .. :

{ سبحان الله والحمد لله ولا إله إلاّ الله والله أكبر } .

ولذلك عندما يقول الواحد منا : سبحان الله  .. فإنهم يزرعون له نخلةً فى الجنّة كما قال الحبيب :

( من قال سبحان الله وبحمده غرست له نخلةً فى الجنّة ) ، والنخلة هنا فى الدنيا تُثمر بعد خمس سنوات تقريباً .. أمّا النخلة التى تُغرس فى الجنّة تُثمر فى الوقت والحين ، والنخلة هنا تُثمر مرّةً واحدة فى السنة ، أمّا النخلة فى الجنّة فتُثمر فى الحال   يقطف الملائكة هذا الطرح والثمر ويكتبوه لك ، كأنك تصدقت به على الفقراء والمساكين ، ويُكتب فى رصيدك هناك وفى الحال تُثمر النخلة مرّةً أُخرى .. فيجمعوه ويقطفوه مرّةً أُخرى ، وفى الحال تُثمر مرّةً أُخرى .. وهكذا على الدوام :

 ﴿ تُؤْتِي أُكُلَهَا كُلَّ حِينٍ بِإِذْنِ رَبِّهَا ﴾ ( إبراهيم: 25) هذا فى الجنّة.

 فهل لها أجرٌ آخر خلاف ذلك ؟ .. نعم فقد قال حضرة النبىّ :

( سبحان الله تملأ مابين السماء والأرض ) أى يُكتب لك أجور وثواب وخيرات قدر ما بين السماء والأرض ، وذلك من أجل قول : سبحان الله ، الذى لا تنتبه إليه .. تملأ مايبن السماء والأرض ثواب وخيرات وبركات يضعها الله فى ملف حسناتك ، وفى رصيد أعمالك عند رفيع الدرجات عزّ وجلّ .

كذلك كلمة الحمد لله .. قال: ( فيها تملأ الميزان ) فعندما يزنون عملك فإنّ كلمة الحمد لله تملأ الميزان .. أى تُثقُل الميزان .. فترجح كفّة الحسنات .

 وهذا هو الأجر العاجل .. نصيبٌ فى الجنّة وخيرٌ يُوضع فى الرصيد قدر ما بين السماء والأرض  ثم تخرج الكلمة بعد ذلك إلى أن تصل إلى إلى العرش ، فيجعل الله لها روحٌ فتطوف حوله وهى تقول :

{ سبحان الله .. سبحان الله .. على الدوام إلى يوم القيامة ، ويٌوضع ذلك كله فى الملف الخاص بك } .

ما هذا العجب العجاب إنّ ذلك كله يحدث من مرّةٍ واحدةٍ .. فما بالكم بمن يقولها ثلاثاً وثلاثين مرّة بعد كل صلاة .. كم يكون له ومن يقول ذلك ؟ .. فإنّه من أغنياء الآخرة .. ومن أغنياء الدنيا بالصالحات والأعمال الطيّبات :

﴿ وَجِيهًا فِي الدُّنْيَا وَالاخِرَةِ ﴾ ( آل عمران: 45) .

وهذا ما جعل سيدنا سليمان بن داود عليهما وعلى نبيّنا أفضل الصلاة وأتّم السلام ، عندما كان جالساً على بساطه ــ وهذا البساط كان مثل سجادة الصلاة التى نُصلىّ عليها ، وإذا جاءه زائرٌ يجلس بجواره ، فيتّسع البساط ، وهكذا يتّسع البساط إلى أن يجلس عليه خمسمائة ألف من الجِن ومثلهم من الإنس ، غيرالوحوش والطيور ، والأمراء والوزراء ــ وفى يومٍ أمر الريح أن تحمله بكل هذا العدد :

 ﴿ فَسَخَّرْنَا لَهُ الرِّيحَ تَجْرِي بِأَمْرِهِ رُخَاءً حَيْثُ أَصَابَ ﴾ ( ص : 36) ورخاءاً أى ريحٍ هيّنةٍ ليّنةٍ لا تؤذى الجالسين على البساط ، وكان البساط يحملهم قريباً من سطح الأرض لكى يرى الناس هذه المعجزة الإلهيّة بالعين المجرّده ، وكان هناك رجلاً فلاّحاً بجوار بيت المقدس ، رأى هذه المعجزة العظيمة فما كان منه إلاّ أن قال : ما أعظم ما أوتيى سليمان بن داود .. فحملت الريح صوت الرجل إلى أذن سيدنا سليمان ، فأمر البساط أن ينزل ، ونادى على الرجل ، فجاء الرجل وهو خائفاً ، فقال له سليمان : هوّن عليك ماذا قلت ؟ وهو بذلك أن يعلمّ من حوله بما قال .. قال : قلت ما أعظم ما أوتى سليمان بن داود .. قال سليمان : [ وعزّة ربى لتسبيحةٍ واحدةٍ فى صحيفة مؤمن خيرٌ وأعظم مما أوتى سليمان بن داود ] .

فهل نُضيّع الوقت ونترك هذه التسبيحات؟ .. كلاّ .. فعندما تكون ما شياً فى الطريق ، ما الذى يجعلك تمشى صامتاً أوساكتاً أو ساهٍ أو غافلٍ ؟

عليك أن تحرّك اللسان بذكر الرحمن . وإذا كنت نائماً لماذا لا تدخل فى قول الرحمن :

 ﴿ الَّذِينَ يَذْكُرُونَ الله قِيَامًا وَقُعُودًا وَعَلَى جُنُوبِهِمْ ﴾ ( آل عمران: 191) ، وإذا كنت جالساً فى بيتك لماذا لا يتحرّك اللسان بذكر الرحمن فى حين أنّك عندما تخرج من هنا حتى وإن كنت من أهل الجنّة ــ ونحن إن شاء الله من أهل الجنّة ــ عندما تدخل الجنّة وترى منزلك فى الجنّة ، فإنك تتحسّر وتقول لماذا كنت أُضيّع الوفت فى غير ذكر الله ، قال صلى الله عليه وسلم :

( لا يندم أهل الجنّة وهم فى الجنّة ، إلاّ على الساعة التى مرّت بهم دون ذكر الله عزّ وجلّ ) والساعة هنا أى اللحظة ، ولذلك عندما عمل أصحاب رسول الله بهذه الوصيّة الإلهيّة ، والنصيحة الربّانيّة قال فيهم حضرة الله  :

 ﴿ رِجَالٌ لا تُلْهِيهِمْ تِجَارَةٌ وَلا بَيْعٌ عَنْ ذِكْرِ الله ﴾ ( النور: 37) .

هل هناك شيءٌ يشغل الإنسان أكثر من التجارة والبيع ؟ أبداً لكن لأنهم رجال كانوا مع التجارة والبيع لا ينشغلون عن ذكر الله وطاعة الله والإقبال على الله جلّ فى عُلاه ــ وأنا أريد منكم جميعاً وأتعّشم فى الموجودين خير خير ، أن نكون من أهل هذه الآية ، ونصبح من الرجال الذين لا تلهيهم تجارةٌ ولا بيع عن ذكر الله ــ لأننا نضيّع الوقت فى الكلام  مع بعضنا البعض وفى الأحاديث التى تستوجب المقت والغضب من الله ــ وليس لدينا وقتٌ لمثل هذا فبدلاً من أن نضيّع الوقت فى ذلك لماذا لا تستثمره فى فى ذكر الله وطاعة الله مثل أصحاب رسول الله .. وأنا أقول هذا الكلام لفسى أولاً ، ثم لإخوانى حتى لا يأتى أحدٌ هناك ويقول لم ينصحنى أحدٌ ولكى أقول لكم نريد من الآن ألاّ نضيّع نَفَسَاً إلاّ فى ذكر الله .

وذكر الله لا يشترط فيه أن يكون الإنسان على وضوء أو أن يكون فى المسجد أو أن يكون متّجها فيه إلى القبلة ، بل لا يُشترط فيه أن يكون على طهارة ، وذلك لأن العمل الصالح الوحيد الذى يستطيع الإنسان أن يعمله وهو على الجنابة ..ذكر الله ــ فلا يستطيع الإنسان أن يقرأ القرآن وهو على الجنابة ، ولا أن يُصلىّ كذلك لأن ذلك ممنوع .. ولكن ليس ممنوع من ذكر الله لكى لا يكون له عُذر، فما العُذر الذى تقدمه لله على لحظات الغفلة التى غفلت فيها عن ذكر الله ؟

لا شيء ، كل الذى سيحدث عندما يكشفون له الغطاء لكى يشاهد ما له من العطاء وهو خارجٌ من الدنيا ويرى ما حُرِم منه بسبب الغفلة والسهو ويقول :

 ﴿ يَا حَسْرَتَا عَلَى مَا فَرَّطْتُ فِي جَنْبِ الله ﴾ ( الزمر:56) وذلك لأنهم يقولون له هذه هى عطاياك التى حرمت نفسك منها بسبب سهوك عن الله وغفلتك عن ذكر الله ..

 مع أن الذكر هو الذى يعطى الإنسان الراحة والطمأنينة :

﴿ أَلا بِذِكْرِ الله تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ ﴾ ( الرعد: 28) بل يُسّهّل له كل الأعمال ويمنحه قوّةً فوق قوّته ، وييسر له كل أمره ، ويصلح له كل شأنه ، ويكفى أن الله يذكره فى كل موطن بذلك :

 ﴿ فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ ﴾ ( البقرة: 152) .....

نسأل الله أن نكون من عباده الذاكرين الشاكرين الفاكرين الحاضرين بين يديه فى كل وقتٍ وحين ، ونسأله عزّ وجلّ أن يطهرنا من أمراض الغفلة والسهو والنسيان والجهالة عن حضرة الرحمن وأن يجعلنا من أهل الذكر الأعظم ، وان يكتبنا فى ديوان الذاكرين ، وأن يجعل صمتنا فكراً ونطقناً ذكراً ونظرنا عبراً ..

 وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلمّ

طفنيس ــ مسجد عزبة البرج

بعد صلاة الظهر : الخميس  19/11/2009  2 ذو الحجة 1431 هجرية

اعلان في الاسفل

All rights reserved to Sheikh Fawzi Mohammed Abu Zeid


Up